المطلب السادس : أقرب الطرق التربوية إلى طريقة الشناقطة :
وبالنظر إلى الطريقة التي سلكها الشناقطة لحفظ القرآن الكريم ، يتبين أن أقرب الطرق التربوية إليها هو : الطريقة الجزئية ، التي قال عنها أحد الباحثين : (.. ونحن نعول على هذه الطريقة التي درج عليها عامة الحفاظ والمقرئين ، حتى نكاد نقول : إنه لا يحفظ القرآن إلا بهذه الطريقة ؛ للأسباب التالية :
1 – ما روي عن أبي العالية قال : تعلموا القرآن خمس آيات ، خمس آيات ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه من جبريل خمسا ، خمسا ، وفي رواية : من أخذه خمسا خمسا لم ينسه .
2 – كان النبي صلى الله عليه وسلم يتبع هذه الطريقة في إقراء الصحابة ، وكذلك سار عليها قراء الصحابة في إقراء من بعدهم .
وقد أثبتت الدراسات التي قام بها علماء التربية أن هذه الطريقة ناجحة ومناسبة ؛ حيث تبين أن توزيع التعليم ، أو التدريب على فترات متباعدة – نسبيا – تتخللها فترات راحة ، يساعد على سرعة التعلم ، وتثبيته في الذاكرة ، وأن التعلم الذي يحدث باستخدام طريقة التوزيع أفضل كثيرا من التعلم الذي يحدث باستخدام طريقة التركيز ، وهو التعلم الذي يتم في فترة زمنية متصلة ، دون أن تتخللها راحة ..
وقد طبقت هذه الطريقة في القرآن الكريم ؛ إذ أنه نزل على فترات متباعدة في مدة ثلاث وعشرين سنة ، مما ساعد على تعلمه ، وفهمه وحفظه ). ([1])
أما عيوب هذه الطريقة ، وسلبياتها التي ذكرها المربون ، فقد تغلب عليها الشناقطة ، ولم يتركوا مجالا لتأثيرها على الحفظ …
أما سلبيتها ([2]) الأولى وهي عدم قدرة الطلاب المتعلمين عن طريقها على ربط الأجزاء المحفوظة بعضها ببعض ، فقد تغلبوا عليها بتكرار المقطع الأخير من الدرس الماضي مع الدرس الجديد ، والمقطع الأخير من الدرس الجديد مع الدرس القادم وهكذا ؛ فكونوا بذلك حلقات ربط قوية يصعب حلها …
وأما سلبيتها الثانية ، وهي احتمال حصول تفاوت في درجات الحفظ بين الأجزاء المحفوظة ، فقد تغلبوا عليه بتوزيع التكرار بصفة شبه متساوية بين الدروس ، حتى يتقارب حفظها ، بحيث لا ينسي قوي الحفظ منها ضعيفه.
([1]) انظر : “مهارات التدريس في الحلقات القرآنية” ص 184 ( بتصرف يسير جدا )